فضل الشكر :
- إن منزلة الشكر هي من أعلى المنازل وهي على ماحققه بعض العلماء فوق منزلة الرضى ، فالرضى مندرج في الشكر إذ يستحيل وجود الشكر بدونه ، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالشكر وأثنى على أهل الشكر ووصف بذلك بعض خواص خلقه فقال سبحانه اٍن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين شاكرا لأنعمه) وقال تعالى عن نوح: (إنه كان عبدا شكورا) .
-إن الله تعالى وعد الشاكرين بأفضل الجزاء و أحسنه قال تعالى وسنجزي الشاكرين).
ولقد جعل الله تعالى الشكر وسيلة لزيادة نعم الله تعالى ، فقال سبحانه: ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) .
-أنه سبحانه وتعالى سمى نفسه (شاكرا ) و(شكورا) وسمى الشاكرين بهذين الإسمين فأعطاهم من وصفه وسماهم با سمه ، وحسبك بهذا محبة للشاكرين وفضلا .
-ومما يدل على فضل الشكر أيضا أن الله تعالى قرنه بالصبر في أكثر من موضع ، قال تعالىإن في ذلك لآيات لكل صّبار شكور ) فالشكر على النعم أو زوال النقم ، والصبر عندزوال النعم أو حلول البلاء ، ولأن الصبر على الطاعة عين الشكر عليها .
درجات الشكر :
الدرجة الأولى :
- الشكر على النعمة وهو شكر الله تعالى على نعمه التي أنعم بها على العبد في كل أحواله ، والتي يسبح فيها الإنسان صباح مساء .
الدرجة الثانية :
-الشكر على دفع النقم سواء اندفعت عنه أو عن غيره من المسلمين وذلك لذهاب مرض أو انحسار طاعون أو عدو ومنه قوله تعالى ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ) .
الدرجة الثالثة :
- الشكر عند المكروهات من البلوى والمصائب وهذا مما تستوي عنده الحالات وإظهارا للرضى ،و مما يميز بين هذه الأحوال ، كظم الغيظ ، وستر الشكوى ، ورعاية الأدب ، يعني أن الشكر على المصائب أشد وأصعب من الشكر على المحاب لذلك كان فوقه في الدرجة وقد ذكر العلماء أنه يسن إذا سئل المريض عن حاله أن يحمد الله إذا أرادالشكوى إلى الطبيب فيقول أحمد الله إليك أجد كذا وكذا .
ما يتحقق به الشكر :
- يتحقق شكر الله تعالى بأمور :
معرفة النعمة :
لأنها السبيل إلى معرفة المنعم ولهذا سمى الله تعالى الإسلام والإيمان في القرآن شكرا . وأن النعمة من الله قال تعالى ( وما بكم من نعمة فمن الله ) فلاأحد يستطيع أن يجلبها إذا لم يأت بها الله ، ولا أحد يستطيع أن يمنعها إذا أرادالله إرسالها إليه والمسلم الحق كلما ازدادت نعمة الله عليه ازداد طاعة لله واجتهادا في شكر هذه النعمة حتى لا تزول .
معرفة أنها من الله :
إن النعم العظيمة كثيرا ماتقود الإنسان إلى الإحساس بوجودمنعم كريم لا حدود لكرمه فمن لم يقر بالله لم يقر أن النعيم منه ولم يتصور شكره له وإذا عرف أنها من الله أحبّه عليها .
الثناء على المنعم بها :
وذلك بإطلاق التحميدات والثناء عليه سبحانه بما هو له أهل واظهار الرضا عنه سبحانه وتعالى والتحدث بتلك النعمة وإسناد التفضل بها إلى المنعم وحمده عليها ، قال تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث } والتحدث عن النعم العامة كذلك كالجودوالكرم والإحسان وسعة العطاء ونحو ذلك .
ترك استعمالها فيما يكرهه المنعم بها والعمل بما يرضيه فيها .
الخضوع له والعمل بما يرضيه وهو المعنى الحقيقي للشكر فأكثر الناس خضوعا أكثرهم شكرا.
قبول النعمة وتلقيها بمزيد افتقار واحتياج إلى المنعم بها .
و إن وصولها بغير بذل جهد ولا ثمن يطوق الإنسان بفضل الله الغامر .
ثمرات الشكر :
بعد ما تبين أن الشكر ثناء على المتفضل بأفضاله ونعمه وإحسانه ولكن الشكر فعل بشري لايصدر عن الإنسان إلا بمحرض ودافع ألا وهو الإيمان الراسخ في القلب . إن الشكر شجرةأصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، وأن من أكلها :
الثواب الأكيد من الله سبحانه وتعالى ، قال عز وجل (كذلك نجزي من شكر ) وقال تعالى( وسنجزي الشاكرين) فالله يعد المؤمنين الشاكرين بالجزاء والثواب وَوَعْدُ الله لابد أن يتحقق إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة .
و من ثمار الشكر :
المزيد من نعم الله الذي لا حد له ، قال تعالى ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) وعد الله سبحانه وتعالى بالزيادة ، لأن شكر كل نعمة يستدعي المزيد ، والمزيد في الآية لم يحدد وكان الفضيل بن عياض يقول من عرف نعمة الله بقلبه وحمده بلسانه لم يستتم ذلك حتى يرى الزيادة ) .
ومن ثمار الشكر أيضا : منع العذاب عن الخلق ، يقول الله عز وجل ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) فالله سبحانه لا يعذب أحدا من عباده إلا بسبب كفرهم به ، أماإذا شكروا بأن عملوا بما يرضي الله بعد أن أنعم عليهم بنعمة الشريعة الربانية فسيعشون في أمان وسلام في الدنيا والآخرة ، وإن امتنعوا عن الشكر فلا بد أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة التي تنكبت صراط الله المستقيم ولم تنقد لشرع الله ، فتحكيم شرع الله هو عنوان الخضوع لله وأوامره وعنوان الرضى عن الله بقبول ما اختاره للناس من دين.
ومع هاته النعم التي لا تعد ولا تحصى ، فقد أشار القرآن الكريم إلى قلة الشاكرين قال تعالى وقليل من عبادي الشكور ) وقال أيضا: (قليلا ما تشكرون) أي شكركم قليل، وقال ابن عباس رضي الله عنه: إنكم غير شاكرين . شكر الناس :
لقد أشار كتاب الله تعالى إلى نوع آخر من الشكر وهو شكر الناس على المعروف وذلك أن الله شكر المحسنين وهو غني عنهم فالعبد أولى بأن يشكر من أحسن إليه ولقد أمر الله بالشكر للوالدين و قرن ذلك بالشكر له لعظم فضلهما قال تعالى أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) .
وقال عليه الصلاة والسلام (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله) والشكر أن تقول لمن أدى إليك معروفا جزاك الله خيرا وهو أبلغ شيء في الثناء .
فاللهم لك الحمد و الشكر على نعمك الظاهرة و الباطنة ، فى القديم والحديث ،ما علمنا منها وما لم نعلم .
اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك يا رب العالمين