أربعة منتخبات أوروبيّة ظفرت بمقاعد في دور الثمانية، صنفها آرسين فينغر الأفضل مونديالياً.
يُعرف عن آرسين فينغر شخصيته الرصينة المتأنية لا لسنّه وخبرته فحسب، بل لرزانته وعمق رؤيته ودماثة خلقه مع المعجبين والمتطفلين وما أكثرهم. تاريخٌ في رجلٍ راجحُ العقلِ وقورٌ يكاد يكون مرادفاً للدوري الإنكليزي الممتاز.
وإن كانت صورة تذكارية مع الرجل الشاب في شيبه وقد رآه العالم على شاطئ ريو يستعرض مهاراته بتسديدة رأسية طائرة، مدعاة فرح، فإنّ الاحتكاك فكرياً في حضرة فينغر ونهل دقائق من خاطره المُتخم للإحاطة بأهم حدث رياضيّ لهو أمر استثنائي بامتياز.
فينغر العقل الاستراتيجي لآرسنال الإنكليزي أعلى الشأن الأوروبي على حساب الأميركي بوسطه وجنوبه، فبرأيه قدمت المنتخبات الأربعة لقارتها العجوز والعالم أفضل المستويات في مونديال 2014، لكنّه نأى بنفسه عن مفاضلة تكتيكية بين المتغيرين جيرو وغريزمان وزميلهما بنزيمة الثابت اسما وليس مركزاً، بحذاقة مألوفة.
كلامُ المدرّب الفرنسي الخاص لموقع beIN SPORTS جال سريعاً حول البطولة وما شهدته من تقلبات وأحداث لحينه قبيل الغوص في مرحلة العد العكسي الختامي مع تبقي ثماني مباريات فقط.
لا يخفى على متابع أنّ ما خيض لحينه من مباريات جاء مفاجئاً إن لم يكن بالنتائج، فباختلاف وتذبذب مستويات منتخبات عريقة خصوصاً أهل الدار البرازيل وجيرانهم الأرجنتين فيما حافظ الأوروبيون على ماء الوجه أكثر، أمر أكده فينغر بجواب متأنّ حين سألناه أياً من المنتخبات الثمانية يراه الأفضل: "حتى الحين مع نهاية الدور الثاني وخوض جميع المنتخبات المتأهلة لأربع مباريات، أعجبت تحديداً بمستويات فرنسا وهولندا وألمانيا و.." (يسكت مفكراً) ثمّ يعود ليتابع "وأخيراً بلجيكا قدمت كرة ممتازة أمام الولايات المتحدة الأميركيّة. يمكن القول إنّ المنتخبات الأوروبيّة عموماً هي الأفضل".
ولدى استفسارنا عن مردّ ذلك قال: "هذه المنتخبات تمتعت بشخصية واضحة وصلابة وقدرة أفضل على إدارة المياريات بانضباط وتكتيك جيدين".
وبتفحص سريع للمنتخبات المرشحة نرى أن البرازيل والأرجنتين لم يقنعا لا بل لاح كل منهما فريق اللاعب الواحد نيمار وميسي، مع أفضلية لأبناء سكولاري خصوصاً من ناحية دفاعهم الجيد رغم هفواته، أما الفرق الأوروبية فلم يكن الدور الثاني نزهة لها فعانت ألمانيا الأمرين مع محاربي الجزائر وذاقت هولندا طعم الخروج أمام المكسيك فيما كانت معاناة فرنسا أقل أمام نيجيريا، أما بلجيكا فأجهدها تيم هاورد بمفرده لكنها أظهرت شخصية كروية صلبة متعددة الأسلحة الفنيّة.
وأكّد ربّان آرسنال أن الـ"سيليساو" لم يقنع لحينه: "البرازيل لم تقدّم ما هو متوقع منها، ربما هم تحت ضغط جماهيري، لكن هذا في البداية أما بعد ذلك يجب أن تظهر مستواها الحقيقي وهذا أمر لم نره للحين. أما كوستاريكا فحضورها الذهني عال طوال الدقائق التسعين وهذا أمر مميز".
وبعد أن شاهدنا المنتخبات الأوروبيّة تحديداً هولندا وألمانيا وفرنسا تعاني من استهلاليات بطيئة للغاية في دور الستة عشر كان لا بدّ من البحث عن جواب شاف: "في الدور الثاني تصبح الأمور صعبة والجميع يريد الفوز وتجّنب الخسارة والحسابات تختلف، العروض ليست هدفاً أساسياً في هذه المرحلة بل حصد النتائج، لهذا البدايات بطيئة وحذرة، خصوصاً المنتخبات التي تسعى لإحراز اللقب، أكثر ما يعنيها الفوز في بطولة مرهقة بدنياً".
وحول التغيير الدائم بمستويات المنتخبات وعدم ظهورها بأداء متزن من لقاء لآخر، قال: "من الصعب خوض اللقاءات المتكررة على نحو دائم بإيقاع عال أو حتى فرض السيطرة لمدّة تسعين دقيقة ولهذا ترى مستويات المنتخبات تتغيّر، فترتفع حيناً وتهبط حيناً آخر، في بطولة العالم كل منتخب يلعب وفقاً لأهدافه، والبعض يأمل في الاستمرار أطول فترة، وهذا ما يؤدي لصراعات متكررة ومستويات مختلفة ويصعّب المهمات".
ولم يشأ الرجل الحكيم الفرنسي الغوص بخيارات ديدييه ديشان أو التدخل بها مكتفياً بمدح التشكيل الفرنسي مع غريزمان أو جيرو: "الطريقتان ممتازتان، بوجود جيرو أو غريزمان. الخياران يشكلان تنوعاً للمنتخب ويستطيع ديشان الاستنساب بينهما وفقاً لما تقتضيه الحاجة أو لرؤيته الشخصية".
وغالباً ما يلجأ ديشان للزج ببنزيمة كرأس حربة حين يلعب غريزمان يساراً معوضاً غياب فرانك ريبيري، في حين يأخذ مهاجم ريال مكان زميله في سوسيداد حين يكون جيرو أساسياً كمهاجم وغريزمان احتياطياً، وأثبتت الطريقتان فعاليتهما في مباريات مختلفة.
أدلى فينغر بدلوه ولتصريحه وزنٌ لا غبار عليه، لكنً جمال الكرة بمزاجيتها وتقلباتها فهي قد تدور مع من يخطب ودّها تكلفاً وإن كانت غالباً صديقة صدوقة تهوى من تراه منصفاً. ولمن يشكّ بذلك فلينفض الغبار عن دفاتر الأمس.
الرئيسية 
البوابة 
التسجيل 
دخول 
