Admin .:: رئيس مجلس إدارة المنتدى ::.
دولتي : مساهماتي : 1759 dsd : 11 إنضمامي : 29/12/2013
| موضوع: انصتوا من فضلكم الأربعاء يونيو 18, 2014 3:27 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
السـؤال :
ما حكم التفجيرات والعمليات اﻻنتحارية التي تعرَّضت لها الجزائر خاصَّةً وسائر بلدان المسلمين عاَّمةً، وما حكمُ تدميرِ مُنشآتِ الكفار وترهيبِهم في بﻼدهم أو في بﻼد المسلمين؟ وهذا بغضِّ النظر عن الجهة التي تقف وراءَ هذه العمليات، فإن كانت الجهة إسﻼميةً، فهل هذا العمل يعدُّ من الجهاد في سبيل الله؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. والرجاء تأصيل المسألة وتفصيلُها باﻷدلة كما عوّدتمونا . الجـواب : الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصﻼةُ والسﻼمُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد : فالمعلوم أنَّ مِنْ شرط الوسيلة الدعوية أن يكون المقصود منها مشروعًا، فإن كان ممنوعًا فﻼ يتوسَّل إليه بأيِّ وسيلة؛ ﻷنَّ النهي عن المقصد نهي عن جميع وسائله المؤدِّية إليه، كما أنَّ من شرطها - أيضًا- أن تكون في ذاتها غير مخالفة لنصوص الشرع أو لقواعده العامَّة، فﻼ يجوز أن يتوسَّل بها إلى المقاصد والغايات، ومخالفة الشرع في باب الوسائل كمخالفته في باب المقاصد، لقوله تعالى : ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ]النور: 63[ ، فاﻵية دلَّت على التحذير من مخالفة أمره وهو عامٌّ شاملٌ لباب الوسائل والمقاصد على حدٍّ سواء؛ ﻷنَّ النكرة المضافة تفيد العموم. وﻻ يخفى أنَّ شريعة اﻹسﻼم تأمر بالمحافظة على الضروريات الخمس، ودماءُ المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرَّمة ﻻ يجوز اﻻعتداء عليها بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ ]النساء: 93[ ، وقوله تعالى : ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي اﻷَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ ]المائدة : 32[، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : »كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ«)1( ، وقولِه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : » إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا «)2(، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : » لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ«)3( ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : » رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بالكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لحرْمَةُ المؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله حُرْمَةً مِنْكِ مَالُهُ وَدَمُهُ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِﻻَّ خَيْرًا «)4(. وعليه، فإنَّ اتخاذ وسيلةِ التفجير والتدمير والتخريب واﻻغتيال واﻻنتحار يهدم هذا اﻷصلَ المقاصديَّ ويخالف نصوص الشرع اﻵمرةَ بوجوب المحافظة عليه، ومن هنا يظهر أنَّ »الوَسِيلَة المحُرَّمة حرام « ، و »الوَسيلة إلى الحرام حرامٌ « ، فمن اعتبر مقاصد الشرع دون مراعاة وسائله، أو بالعكس اعتبر وسائل الشرع دون مقاصده فقد أخذ بجزء الدِّين وأهمل اﻵخر، وقد قال الله تعالى : ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِﻻَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ ] البقرة: 85[، وخالف الهديَ النبويَّ، حيث كان صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يوصي المجاهدين على اﻷعداء بوصايا أخﻼقيةٍ كالوفاء بالعهد، وعدم الغدر، وينهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ونحو ذلك. قال أبو حامدٍ الغزالي -رحمه الله- في معرِض الحديث على التوسُّل إلى الحسنة بالسيئة: »فهذا كلُّه جهل، والنية ﻻ تؤثِّر في إخراجه عن كونه ظلمًا وعدوانًا ومعصيةً، بل قصده الخير بالشر - على خﻼف مقتضى الشرع- شر آخر، فإن عَرَفَه فهو معاندٌ للشرع، وإن جَهِله فهو عاصٍ بجهله، إذ طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم «)5(، ويؤكِّده قولُ ابن تيمية - رحمه الله :- » ليس كلُّ سببٍ نال به اﻹنسان حاجتَه يكون مشروعًا وﻻ مباحًا، وإنما يكون مشروعًا إذا غلبت مصلحته على مفسدته ممَّا أَذِن فيه الشرع«)6( . هذا، وتحريم هذه اﻷساليب التدميرية واﻷعمال التهديمية والعمليات اﻻنتحارية ليست قاصرةً على حقِّ المسلم بل تتعدَّى إلى الكافر، سواء كان ذِمِّيًّا أو معاهدًا أو مستأمنًا لقوله تعالى : ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَﻼَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ ] التوبة: 6[ ، واﻷمان إذا ما أعطي لكافرٍ ولو كان محاربًا سواء أعطاه هذا العهد شخصٌ طبيعي من المسلمين، أو شخص معنوي كالدولة أو الهيئات، رسمية أو غير رسمية، فﻼ يجوز الغدر به، سواء دخل بﻼد المسلمين لحاجتهم، أو لحاجة نفسه، لقوله تعالى : ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾ ]النحل : 91[ ، وقوله تعالى : ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُوﻻً﴾ ] اﻹسراء : 34[ ، وقوله تعالى: ﴿وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ﴾ ] اﻷنعام: 152[ ، وقد شهد الكفار للنبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه ﻻ يغدر، بل جعله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من صفات المنافقين في قوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : »وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ «)7(، وأكّد وجوب احترام العهد بقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : » مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا «)8(، ويدخل في عقد اﻷمان مع الكافر أي مسلم ولو كان المؤمِّنُ امرأةً، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: » المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأ دِماَؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ -أي: العَهد - أَدْنَاهُمْ «)9( ، ولما أجارت أمُّ هانئ رضي الله عنها رجﻼً مشركًا عامَ الفتح أراد عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله، ذهبت إلى النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فأخبرته فقال : »قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ «)10( ، وﻻ شكّ أنَّ وسيلة التفجير والتدمير واﻻنتحار واﻻغتيال وغيرها فاسدة بهذا اﻻعتبار، واستخدامها عمﻼً دعويًّا تأباه شريعة اﻹسﻼم بما تجرُّه من مهلكات عظام، ومفاسد وآثام، فمن جملتها: - هﻼك الناس باﻻعتداء على حرمة بﻼد المسلمين، وترويع اﻵمنين فيها، وإزهاق أرواح اﻷبرياء واﻷنفس المعصومة، وإتﻼف ﻷموالهم وجهودهم، وتضييع ممتلكاتهم . - كما أنَّ استخدام وسائل العنف والبطش يؤدي إلى ردِّ فعلٍ عنيفٍ مضادٍّ، وبطشٍ يعادله أو أقوى منه، اﻷمر الذي يسبب نشر الفتن والفوضى في اﻷُمَّة، وإضعافًا لقوتها وشَقًّا لترابطها وتﻼحمها، ويفتح ثغرًا على المسلمين يتسلط منه أعداء اﻷمة والدِّين . كما تنعكس سلبياته على مجال الدعوة إلى الله تعالى، وتتقهقر بالتضييق على أهلها وروادها بشتَّى أنواع اﻷساليب . هذا، وبالمقابل فإنَّ المسلمين الذين لهم دولة ذات سيادة ومَنَعَة فمن حقِّهم اﻷكيدِ أن يسوسَهم وﻻةُ اﻷمور بالحقِّ والعدل، بأن يحموا لهم دينَهم - الذي هو عصمة أمرهم- بكافة محاسنه وقِيَمه من أي تبديل أو تغيير أو تشويه أو تحريفٍ، وأن يحفظوا ديارَهم وأموالهم من كيد اﻷعداء والتسلُّط على بﻼدهم واستغﻼل خيراتهم، وأن يصونوا أعراضهم المعصومةَ، ﻷن أعراض المسلمين متكافئة، ذلك ﻷنّ حِفْظَ هذه الضروريات من مسؤولية وﻻة اﻷمر لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: » كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَاﻹِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ «)11( ، فإنَّ من ثمرات إقامة العدل بالحقِّ تحقيق طمأنينة نفس المؤمن، وسكون قلبه، وإحﻼل المحبة محلَّ البغض، والرضا محلَّ السَّخَط، وقد أخبر النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن كرامتهم عند ربهم بقوله : »إِنَّ المُقْسِطِينَ - عِنْدَ اللهِ - عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا «)12(، وبقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : » سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ ﻻَ ظِلَّ إِﻻَّ ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ .. «)13( . وأخيرًا، فإنَّ حاجة اﻷُمَّة شديدةٌ إلى دعوةٍ علميةٍ صادقةٍ مؤصَّلةٍ على الكتاب والسُّنَّة وَفق فهم سلف اﻷُمَّة، وحاجتُها اليومَ إليها أكثرُ من أيِّ وقتٍ مَضَى، لذلك يجب الحِرص على تحصيل العلم الشرعي النافعِ، والعناية بمداركه وموارده، مع التحلي بأخﻼق الشريعة وآدابها، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، مع الصبر على المعارضين والمغرضين، والناوئين، والشانئين، عمﻼً بقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ ] يوسف: 108[ . إنَّ القيام بالمهمة الدعوية على بصيرةٍ والتحلي بالصبر عليها لَهُوَ أعظم الجهاد في سبيل الله، فقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - أنَّ الجهاد بالحُجَّة واللسان مقدَّمٌ على الجهاد بالسيف والسِّنان، حيث قال: »وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد اﻷَئمَّة، وهو أفضل الجهادين، لعظم منفعته، وشِدَّة مُؤْنَتِه، وكثرةِ أعدائه «)14( ، وقال يحي بن يحي شيخِ البخاري : » الذَّبُّ عن السُّنَّةِ أفضل من الجهاد في سبيل الله«)15( ، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سﻼَّم: »المُتَّبِعُ للسُّنَّة كالقابض على الجمر، وهو اليومَ عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله «)16( . أصلحَ اللهُ أحوالَ المسلمين، ووقاهم كيدَ أعداء الدِّين، والمسلمُ إذا كان يحب لنفسه الخيرَ، فليحبَّه ﻹخوانه، ويجتهد في جلبه لهم، وإذا كان يكره لنفسه الشرَّ، فليكرهه ﻹخوانه، فيصرف شره عنهم، ويجتهد في صرف شرِّ غيره عن إخوانه، مصداقًا لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: » ﻻَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ ﻷَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ«)17( وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. | |
|
kingsoft عضو نشيط
دولتي : مساهماتي : 457 dsd : 0 إنضمامي : 24/06/2014 عمري : 31
| |