الكتاب : دروس للشيخ إبراهيم الدويش
المؤلف : إبراهيم بن عبد الله الدويش
[rtl] [/rtl]
التنافس على الخيرات
خامساً: التنافس على الخيرات والشعور بألم الفوات، اسأل نفسك بحق كم يفوتك من الحسنات؟ كم من الناس اهتدوا فكانوا في موازين الآخرين؟ اسأل نفسك لماذا لم يكن هؤلاء الذين اهتدوا في موازين أعمالك أنت؟ لماذا لم تكن أنت الذي مد يده بشريط أو مد يده بكتاب، أو لسانه بكلمة طيبة، أو عقله بفكرة أو طرح؟ فالله عز وجل يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] ويقول: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26] .
إن مجرد فكرة تقولها أيها الأخ! وتطرحها في مجلس من المجالس يعمل بها لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
من قال أن الوقف لله يجب أن يكون مالاً أو عقاراً؟! يمكن أن تطرح فكرة للمسلمين عامة فيعمل بها، فتكون هذه الفكرة وقفٌ لله تعالى، أنت صاحب الوقف تؤجر عليها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
البحث عن أسباب أخرى للعلاج
سادساً: فتش عما وراء الأكمة، أي: ربما كانت هناك أسباب أخرى خفية لسلبية بعض الناس، فربما كان فلان شاباً قوياً جلداً نشيطاً، صاحب مواهب وابتكارات؛ لكنه صفر، لماذا؟ بسبب سوء التخطيط أو سوء التوجيه، فليتنبه لذلك المربون والموجهون، فقد يكون سبباً رئيساً في سلبية كثير من تلاميذه ومن تحت أيديهم، وليس في هذا تبرئة للرجل الصفر، إن عليه الحرص والاجتهاد، وأنه يجب عليه ألا ينتظر الفرص بل يبحث عنها، وألا ينتظر الموجه، فإن وجد وإلا فالتجربة خير برهان، فليتوكل على الله ولينطلق.
وأخيراً أقول:
وإني لمشتاق إلى كل غاية من المجد يكبو دونها المتطاول
بذول لمال حين يبخل ذو النهى عفيف عن الفحشاء قرن حلاحل
والحلاحل هو: السيد في عشيرته، الأمير في مجلسه.
نعم أيها الإخوة في الله! فوصيتي لنفسي ولكل مسلم ومسلمة يؤمن بالله واليوم الآخر ألا تضيع عليه ساعات عمره إلا بنفع وفائدة، فأنت والله مسئول أمام الله عز وجل أن تعمل ما بوسعك وألا تحتقر نفسك.
إن تلك المرأة السوداء استطاعت أن تكسب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستطاعت أن تجعل التاريخ يسجل اسمها.
اسأل نفسك: لماذا حصلت على هذا وكيف؟ لأجل أنها عملت للإسلام عملاً هو قدرتها وهو وسعها، وهو عمل في ميزاننا اليوم عمل حقير، إنها كانت تقم المسجد.
ما أحقر هذا العمل في ميزاننا اليوم؛ ولكن ما أرفعه عند الله يوم أن كان هو وسعها وهو قدرتها.
فأين أنت أيها الأخ الحبيب؟! وأين أنت أيتها المسلمة؟! سجل اسمك في التاريخ، ليكن قلبك كبيراً يتسع لهموم الآخرين، وليكن همك حاراً لإصلاح الجميع، أحسن النية واجعلها سباقة فإنك تؤجر عليها، ولو لم يتيسر لك العمل، فرق كبير بين قولك: (اللهم اجعلني من الصالحين) وبين قولك: (اللهم اجعلني من الصالحين المصلحين) .
فرق كبير بين قولك: (اللهم انفعني) وبين قولك: (اللهم انفعني وانفع بي) .
إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
ولكل جسم في النحول بلية وبلاء جسمي من تفاوت همتي
متى يستيقظ الأخيار إن لم يستيقظوا الآن؟ متى يتحرك الصالحون إن لم يتحركوا الآن؟ متى يستيقظ المسلمون إن لم يستيقظوا الآن؟ أليس في قلوبنا غيرة؟ أليس فينا حياة؟ متى نشعر بالتحدي وأعداء الله عز وجل يشمتون بهذه العقيدة ليل نهار؟ جعلوا الباطل حقاً، والحق باطلاً، وجعلوا الوضيع شريفاً والشريف وضيعاً.
كل المصائب قد تمر على الفتى فتهون غير شماتة الأعداء
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد
رب تقبل عملي ولا تخيب أملي
أصلح أموري كلها قبل حلول الأجل
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.