تحتاج البرازيل إلى استعادة كبريائها المفقود من بوابة الكاميرون وإقناع جماهيرها بأنها قادرة على المضي قدماً والبحث عن اللقب السادس.
تتجه الأنظار اليوم الاثنين إلى ملعب "ناسيونال" في العاصمة برازيليا حيث سيكون المنتخب البرازيلي المضيف بحاجة إلى نقطة من مباراته مع نظيره الكاميروني في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة الأولى لمونديال 2014 للتأهل إلى الدور الثاني.
ومن المؤكد أن "سيليساو" لن يبحث عن الخروج بنقطة وحسب من مباراته المئة في النهائيات، بل إنه سيسعى إلى الظهور بمستوى أفضل من مباراتيه الأوليين حين تغلب على كرواتيا بصعوبة بالغة 3-1 ثم أجبر على الاكتفاء بالتعادل مع المكسيك صفر-صفر.
وسيحرص فريق المدرب لويز فيليبي سكولاري على الخروج بالنقاط الثلاث وتكرار سيناريو مواجهته الوحيدة السابقة مع الكاميرون في النهائيات حين تغلب عليها 3-صفر في الدور الاول من مونديال الولايات المتحدة 1994 حين واصل مشواره حتى الفوز بلقبه الاول منذ 1970، وذلك لأن التعادل قد يتسبب باحتلاله المركز الثاني في المجموعة وبالتالي خوضه موقعة صعبة للغاية ضد هولندا التي تتصدر المجموعة الثانية بفارق الأهداف عن تشيلي.
وستقام مباراتا المجموعة الثانية قبل مباراتي المجموعة الأولى، ما يعني أن البرازيل ستدخل إلى مباراتها والكاميرون وهي تعلم هوية الفريق الذي ستواجهه في حال تصدرها أو احتلالها المركز الثاني، والمنافسان المقبلان لها في حال تأهلها لن يكونا سهلين على الاطلاق، كما الحال بالنسبة لمنافستها المحتملة في نصف النهائي لأنها قد تواجه ألمانيا في حال تصدرها والأخيرة لمجموعتهما.
أما في حال احتلالها المركز الثاني فالخصم المحتمل في ربع النهائي قد تكون إيطاليا أو الأوروغواي وحتى كوستاريكا أو وصيف المجموعة الثالثة وهو المركز الذي تتنافس عليه ساحل العاج (3 نقاط) واليابان (نقطة) واليونان (نقطة).
ومن المؤكد أن صاحب الضيافة لن يفكر بخصومه المحتملين بل سيسعى جاهداً للخروج فائزاً وتجنب سيناريو مباراته مع الكاميرون في الدور الأول من كأس القارات 2003 (خسر صفر-1).
واقعية صخرتي دفاع السيليساو
وسيستغل رجال سكولاري المعنويات المهزوزة لممثل أفريقيا الذي فقد الأمل في التأهل إلى الدور الثاني، وقد أكد المدافع دافيد لويز أن ما اختبره فريقه في المباراتين الاوليين يجعله يتحضر بشكل أفضل من أجل ما ينتظره لاحقاً في مشواره نحو الفوز باللقب السادس في تاريخه وتعويض إخفاق 1950 حين سقط في النهائي على أرضه وبين جماهيره أمام جاره الأوروغوياني.
وأضاف لويز المنتقل مؤخراً من تشلسي الإنكليزي إلى باريس سان جيرمان الفرنسي حيث سيلعب إلى جانب قائده في "سيليساو" تياغو سيلفا، "أردت أن نخوض مباراتين كبيرتين وأن نحقق فوزين رائعين للبرازيل (في بداية البطولة). لكن لو حصل هذا الأمر لما حصلنا على فرصة أن نعرف ما يحتاجه حقاً المرء في كأس العالم (للفوز) أو حجم المنافسة التي تنتظرنا لاحقاً".
وواصل: "في بعض الأحيان تستهل مشوارك بتحقيق فوز بنتيجة 3-صفر ثم فجأة تخسر في الجولة الثانية وتعود إلى منزلك، لكن هذه المباراة الأخيرة (ضد المكسيك) أظهرت لنا ما هو مطلوب".
وكانت المواجهة ضد المكسيك صعبة على "سيليساو" الذي وجد في وجهه نداً صعباً للغاية لم يكتف بالدفاع بل هاجم مرمى جوليو سيزار وأمطره بالتسديدات البعيدة بشكل خاص لكن دون أن يحقق النجاح، كما كانت الحال بالنسبة لرجال سكولاري الذين حصلوا على عدد هام من الفرص لكنهم اصطدموا بتألق الحارس غييرمو اوتشوا.
وقد تحدث القائد سيلفا بعد لقاء المكسيك عن أن بلاده حرمت من ركلة جزاء بسبب تداعيات مباراة "سيليساو" الافتتاحية ضد كرواتيا التي كان متخلفاً فيها قبل ان ينتفض بفضل ثنائية من نيمار وسخاء الحكم الياباني يويتشي نيشيمورا الذي منح اصحاب الارض ركلة جزاء "غير واضحة" على فريد.
وقال سيلفا: "إذا نظرتم جيداً، فسترون أنه كانت هناك تداعيات لركلة جزاء فريد (في المباراة أمام كرواتيا)، لا شك في ذلك. لو لم يتم الحديث عنها كثيراً (تسببت بحملة انتقادات واسعة جداً) لكان (حكم المباراة التركي سونييت شاكير) احتسب لنا ركلة جزاء"، في إشارة إلى ما حصل في الدقيقة 40 من اللقاء ضد المكسيك حيث سقط الظهير الايسر مارسيلو في منطقة الجزاء بعد احتكاك بمدافع مكسيكي لكن الحكم طالب بمواصلة اللعب.
ولم يكن سيلفا الشخص الوحيد الذي يتناول هذا الموضوع بل تطرق اليه مدرب البرازيل سكولاري في المؤتمر الصحافي الذي تلى اللقاء، معتبراً بأنه كان هناك ركلة جزاء غير محتسبة على مارسيلو.
البرازيل لم تقنع الصحافة المحلية حتى الآن
وبغض النظر إذا حرمت البرازيل من ركلة جزاء أم لا، فإن عرضيها الأولين لم يكونا على مستوى الطموحات وهو الأمر الذي دفع الصحافة إلى انتقاد "سيليساو" حيث اعتبرت صحيفة "فوليا دي ساو باولو" أن "البرازيل لعبت بشكل سيئ، إنها أسوأ بداية للفريق منذ عام 1978 وبات الشك يحوم حول قدرته في الوقوف في وجه المنتخبات الكبيرة" ووصفت اللقاء بـ "مباراة الرعب".
أما "استاديو" فكانت أقل انتقاداً وأشادت بأداء الحارس المكسيكي غييرمو أوتشوا وقالت: "السيليساو لم يقدم أفضل مبارياته ضد منتخب مكسيكي عنيد ومنظم، لكن كان باستطاعته الخروج فائزاً لولا التألق الكبير للحارس ونجم المباراة أوتشوا".
ومن المؤكد أن البرازيل تريد الاحتفال بمباراتها المئة في النهائيات بأفضل طريقة ممكنة كما تريد تقديم أداء هجومي تلمّع به الصورة الباهتة التي ظهرت بها بمباراتيها الاوليين ما جعل ألمانيا تقترب من رقمها القياسي من حيث عدد الاهداف في العرس الكروي العالمي (213 مقابل 212 لألمانيا).
كرواتيا-المكسيك
على ملعب "ارينا بيرنامبوكو" في ريسيفي، يخوض المنتخبان الكرواتي والمكسيكي مواجهة ثأرية سيكون الفوز بها مصيرياً للأول، فيما سيكون التعادل كافياً للثاني.
وتحتل المكسيك المركز الثاني في المجموعة بفارق الأهداف خلف البرازيل بعد فوزها في المباراة الأولى على الكاميرون (1-صفر) ثم تعادلها مع صاحب الضيافة، فيما تحتل كرواتيا المركز الثالث بثلاث نقاط حصلت عليها من فوزها الكاسح على الكاميرون 4-صفر بفضل ثنائية من ماريو ماندزوكيتش، الذي سجل بداية حالمة في العرس الكروي العالمي (غاب عن لقاء البرازيل بسبب الإيقاف).
وترتدي المواجهة طابعاً ثأرياً بالنسبة لكرواتيا التي سبق أن ودعت كأس العالم سابقاً بسبب المكسيك وذلك عام 2002 حين خسرت في الجولة الأولى صفر-1 امام "الـ تريكولور"، الذي تصدر حينها المجموعة أمام إيطاليا.
مواجهة نارية بين مواهب مميزة
ومن المتوقع أن تكون المواجهة نارية بين منتخبين قدما أداء مميزاً في الجولتين الأوليين وقد حذر لاعب الوسط ايفان راكيتيتش، الذي وافق على الانضمام إلى العملاق الاسباني برشلونة من النادي الاندلسي اشبيلية، من المنافس المكسيكي قائلاً: "نحن نعلم جميعنا أن المكسيك فريق قوي. من الواضح أنها تتمتع بهجوم قوي، وبالتالي علينا ان نرفع التحدي. نحن الاثنان نريد مكاناً لنا في الدور الإقصائي لكن لن يتأهل سوى واحد منا".
وتابع راكيتيتش: "من المهم أن نعرف أننا بحاجة إلى الفوز، نحتاج إلى ثلاث نقاط وسنقدم كل ما لدينا. نعلم ان المكسيك تلعب بشكل جيد، لكننا نحتاج الى الفوز".
وأشار راكيتيتش أنه يعرف اللاعبين المكسيكيين بشكل جيد نتيجة مواجهته لهم في الدوري الإسباني، خصوصاً جيوفاني دوس سانتوس، الذي يلعب في فياريال، مضيفاً: "نعم، أعرفهم جيداً. جيوفاني يغرد خارج السرب (مقارنة مع زملائه) - إنه لاعب بإمكانه الفوز بالمباريات - لكن هكتور مورينو (اسبانيول) لاعب رائع أيضاً".
وأشاد راكيتيتش بالقائد المكسيكي رافايل ماركيز، الذي دافع سابقاً عن ألوان برشلونة، قائلاً: "يبدو وكأنه أصغر بعشرة أعوام، لا يكلّ ولا يتعب أبداً. إنه يلعب على أعلى المستويات منذ فترة طويلة جداً. إنه ركيزة أساسية لا غنى عنها في فريقه".
وتناول راكيتيتش الحارس أوتشوا وأداءه البطولي ضد البرازيل وحتى في المباراة الأولى أمام الكاميرون، مشيراً إلى أنه لم يتفاجأ مما قدمه استناداً إلى ما أطلعه عليه زميله في المنتخب حارس موناكو الفرنسي دانييل سوباسيتش.
وأضاف راكيتيتش في هذا الموضوع: "لم يفاجئني أداء أوتشوا. أشارك الغرفة (في الفندق) مع دانييل وهو يعرفه جيداً من الدوري الفرنسي (أجاكسيو). لقد تحدثنا عنه مؤخراً وآمل أن يختبر حارسنا يوماً جيداً أيضاً".
هيريرا يرسم أهداف مجموعته الشابة
أما من الجهة المكسيكية، فشدد المدرب ميغل هيريرا بعد التعادل الثمين أمام البرازيل على أن فريقه لم يحقق شيئاً حتى الآن: "حصلنا على نتيجة جيدة. ليست بالنتيجة الكبيرة لكنها تضعنا في موقع جيد. لم نحقق أي شيء حتى الآن، علينا انتظار المباريات الأخيرة".
وواصل: "قلت للشبان لقد قمتم بعمل مذهل، لكن الطريق لم تنتهِ لأن هدفنا واضح جداً. ميمو (الحارس غييرمو) أوتشوا قدم مباراة مذهلة، لكننا اظهرنا أيضاً أنه بإمكاننا الهجوم وأذيّة البرازيل. نحن سعداء بالنتيجة، لكننا يبقى أمامنا الكثير للقيام به".
وتطرق هيريرا إلى مسألة اختيار أوتشوا لتولي حراسة المرمى على حساب الحارسين الآخرين الفريدو تالافيرا وخوسيه كورونا، قائلاً: "عندما وصلت إلى مرحلة اختيار حراس المرمى، كان القرار صعباً للغاية... قررنا مع الطاقم الفني أن ميمو أكثر رصانة ونضجاً من الآخرين. ولم نكن مخطئين. انه يستغل كأس العالم هذه على أكمل وجه بعد أن أمضى المشاركتين السابقتين على مقاعد الاحتياط. قام بصدات من مستوى عال، ما منحنا الثقة والأمان...".
وواصل: "هذه المرة تم اختيار ميمو أفضل لاعب في المباراة، وفي الأولى كان جيوفاني (دوس سانتوس)، والمرة المقبلة قد تذهب للاعب آخر.. المكسيك تكبر من يوم إلى آخر".
وأكد هيريرا إلى أن فريقه لن يسعى من أجل تحقيق التعادل لأن من يدخل إلى مباراة يبحث فيها عن تعادل وحسب، سينتهي به الأمر بخسارة، معتبراً أنه ليس بالإمكان الاستناد إلى نتيجة كرواتيا مع الكاميرون من أجل تقييم قوة فريق المدرب نيكو كوفاتش، وذلك لأن المنتخب الأفريقي أكمل اللقاء بعشرة لاعبين.
ومن المتوقع ألا يجري هيريرا أي تعديل على التشكيلة التي واجهت البرازيل لأنها أثبتت نجاعتها بوجود رباعي الدفاع فرانسيسكو رودريغيز ورافايل ماركيز واللبناني الاصل ميغل لايون وهيكتور مورينو، وجيوفاني دوس سانتوس واوريبي بيرالتا في الهجوم، فيما من المتوقع ان يجلس خافيير "تشيتشاريتو" هرنانديز على مقاعد الاحتياط.