رغم حصده ست نقاط، ما زال منتخب الأرجنتين وربانه الفني سابيلا لم يرسيا دعائم الاستقرار الفني.
زاهر الحلو - ريو دي جانيرو
لم ينفع ضمان العبور لدور الـ16 في إبعاد منتخب الأرجنتين عن المساءلة حول تردي مستواه طيلة 180 دقيقة أمام البوسنة وإيران في المباراتين الأوليين، وهن تسرّب قلقاً وخوفاً عند عشاق "التانغو" المتعطشين للقب طال أمد انتظاره.
مباراة نيجيريا اليوم ستشكّل آخر امتحان لسابيلا وتلامذته قبل الدخول في مرحلةٍ يحرّم الخطأ خلالها كروياً؛ جولة ثالثة على حدود الأرجنتين في بورتو أليغري المغزوة من نحو 150 ألف عاشق لـ" لا ألباسيلستي"، يُنتظر منها استفاقة فنية تمّهد "فتح" ساو باولو ومن ثمّ برازيليا فساو باول مجدداً وصولاً إلى ريو، حلم يعيشه الأرجنتينيون كل لحظة.
من الواضح أن شخصية الأرجنتين حائرة بين سابيلا المتحفظ وخميرته العاشقة للشباك ونجومية ميسي، فالمدرّب يقول "يجب أن نتحلى بالمرونة الفنية وتغيير نمط اللعب وفقاً لإمكانات المنافس" فيما المنقذ باح علناً بالنقيض: "أن تكون قوة كروية، يجب أن تنتهج الهجوم دون النظر لهوية المنافس".
تحفظ سابيلا وتأثير ذلك على المنتخب أكّده لنا الإعلامي الأرجنتين فرناندو لافيتشيا من قناة TYC SPORTS "ما أستطيع قوله إن الكل يتساءل لماذا غيّر سابيلا طريقة اللعب من 4-3-3 التي اعتمدها في التصفيات بنجاح إلى 5-3-2، أسلوب اتبعه فجأة في المونديال فقلب كل شيء والفريق ليس جاهزاً فضاعت الهوية الفنية، أعتقد أن الطريقة الهجومية الأولى ملائمة أكثر للاعبينا ومهاراتهم".
- اقتباس :
يعتقد الأرجنتينيون أن أفضل مستويات ميسي الدوليّة تمت تحت إشراف أليخاندرو سابيلا ما يعطيهم الأمل الدائم بنتائج مميزة.
تعليق الإعلامي الأرجنتيني ينطبق فعلاً على الواقع، فميسي جاهر مراراً بتفضيله طريقة 4-3-3، ولقي دعم زملائه غير مرة مثل تصريح من الحارس الاحتياطي اندوخار "ميسي قال رأيه، وهو مسؤول وحرّ ويعي ما يدلي به" كما أن تصريح سابيلا نفسه بعد لقاء البوسنة أكّد صوابية ميسي "لعبنا في الشوط الثاني بطريقة أفضل".
مع ذلك، يؤخذ على الفريق أنه حتى بنهج 4-3-3 لا نرى مميزاً سوى ميسي المكبّل من الدفاع ومن زملائه التائهين، أمرُ وافقنا الزميل الأرجنتيني عليه نسبياً "هذا صحيح، لسنا راضون عن أداء المنتخب لحينه ونحن محظوظون لأنه لدينا ليونيل، لكن لا تنسى أن المنتخبات الأخرى تعرف سرعة لاعبي الأرجنتينن فتضيّق المساحات، رأينا ذلك تحديداً في لقاء إيران لذا كان تجاوزهم صعباً، وانتظرنا خطأ بالتغطية حين ترك الدفاع ميسي فتحرّك وسجّل بلمح البصر، لكن يجب أن نرفع مستوانا ونجد الحلول والعون الجماعي إن أردنا الذهاب بعيداً".
إلا أنّ فعاليّة ميسي وايقاع زملائه أمام منتخب أفريقي جيّد يحميه فينسان انياما حارس سبق وحرم ميسي التسجيل من أربعة أعوام في جنوب أفريقيا ستكون تحت المجهر مجدداً، لكن الثقة بالعودة تبدو عالية مع إقرار سابيلا بالتجاوب مع رغبة لاعبيه وفي طليعتهم نجم برشلونة بالاعتماد على أسلوب 4-3-3.
وهذا ما لمسناه من فرناندو الذي نقل أيضاً ما يشاع في الشارع المحلي: "لا نخشى نيجيريا فبرأيي المنتخبات الأفريقية فيها الكثير من الثغرات خصوصاً الدفاعية وإن وجد منتخبنا المساحات هجومياً يصعب إيقافه، وخصوصاً بأسلوبنا المعتاد كما في التصفيات. إيران أغلقت المنافذ الخلفية وحرمت لاعبينا حرية الحركة، أعتقد أن الأمر سيختلف وسيستطيع ميسي أو غيره هز شباك الحارس انياما كما فعل هاينزه (في جنوب أفريقيا)".
وهنا قاطعنا ضيفنا، ماذا عن عذرية شباك نيجيريا لحينه؟ "صحيح صحيح، لكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار أن إيران والبوسنة ليسا جيدين هجومياً، فالمنتخب الأوّل منظم ومنضبط دون مهارات، والثاني عانده الحظ أمام نيجيريا وألغي له هدف صحيح، لذا دفاع نيجيريا ليس كما يظن البعض".
وألقى التفكك الأرجنتيني والاعتماد على ميسي بثقله رهبة وخوفاً على الأدوار القادمة والحلم الكبير. أُحادية دافع سابيلا عنها جزئيا "حينما يكون لديك ميسي سيكون الاعتماد الفردي موجوداً" لكنّه عاد وقال أيضاً "علينا التحسن كمجموعة واللعب بدينامكية أكبر.. الرغبة بالفوز قد تفقدك التوازن أحياناً". هذا الخوف لمسناه في رأي يعكس بعض الصحافة الأرجنتينية: "إن تكلمنا بصراحة، مستوانا الحالي لا يؤهلنا للفوز باللقب، إيران صنعت فرصاً عديدة في الشوط الثاني وأي منتخب أكثر فعالية منها مثل بلجيكا مثلاً، سيهزمنا دون شك. قدرتنا على صناعة الفرص حتى الآن كانت سيئة لكن الأمل بالتحسّن كبير".
- اقتباس :
رغم شخصيته الفنيّة المتحفظة دوماً سيستجيب سابيلا لدعوات ميسي بالاعتماد على طريقة 4-3-3 أمام نيجيريا
ما يلفت في المشوار الأرجنتيني أنّه ممهد نظرياً إن أجاد لاعبو سابيلا وهذا ما يعطيهم الفرصة تلو الأخرى لتحسين مستواهم والاستقرار فنياً، أمر أيده فرناندو: "دون شك، فالدور الأول وإن انتصرنا بصعوبة كان يمكن أن يكون أصعب بكثير شأن المجموعة الرابعة، وفي دور الستة عشر نتوقع مواجهة سويسرا التي هي أيضاً تبدو ضعيفة، لذا طريقنا يبدو سهلاً لدور ربع النهائي حيث قد نقابل بلجيكا أو الولايات المتحدة (توقّع)، وطبعاً لا يمكن أن يساعدنا الحظ أكثر من ذلك للتقدم فنياً".
كلّ شيء يبدو ممهداً أمام الأرجنتين كي تعود إلى رشدها الكروي، فمنافسوها المعروفون والمفترضون حتى ربع النهائي ليسوا أفضل ما يضم مونديال البرازيل، وميسي يلوح في أحسن حالاته الدولية وسابيلا يصغي لرجاله "سأعتمد 4-3-3 أمام نيجيريا"؛ عوامل ينتظر أن تساهم باستفاقة منتخب يتحدّر من سلالة مارادونا.