سيختبر المنتخب الهولندي قوته الإثنين عندما يواجه نظيره تشيلي الطامح إلى مواصلة الإشعاع.
لم يتوقع كثيرون أن تشهد الجولة الثالثة الأخيرة من المجموعة الثانية لمونديال البرازيل 2014 لكرة القدم صراعاً على الصدارة بين هولندا وتشيلي، فيما تخوض إسبانيا حاملة اللقب مباراة هامشية على غرار المنتخبات المغمورة.
فجرت هولندا مفاجأتها الأولى بسحقها إسبانيا 5-1 وتجاوزت تشيلي أستراليا 3-1، لكن مشهد المجموعة تبلور بسرعة في الثانية عندما تغلبت هولندا على أستراليا بصعوبة 3-2 وأطاحت تشيلي بإسبانيا بهدفين نظيفين.
لذا ستتركز الأنظار على هولندا وتشيلي على ملعب "آرينا كورنثيانز" في ساو باولو الإثنين، فيما تأمل إسبانيا أن تودع النهائيات بشرف عندما تواجه أستراليا على ملعب "آرينا دي بايكسادا" في كوريتيبا في الوقت عينه، اذ تقام مباراتا كل مجموعة في الجولة الأخيرة من الدور الأول بتوقيت واحد تفادياً للتلاعب بنتائجها.
تصدرت هولندا الترتيب مع 6 نقاط بالتساوي مع تشيلي، لكنها تتفوق عليها بفارق الأهداف (+5 مقابل +4)، لذا يكفيها التعادل لتضمن المركز الأول، وهنا قد تبدأ حسابات الدور الثاني، خصوصاً أن وصيف المجموعة سيواجه متصدر الأولى والمرشح أن يكون البرازيل التي ستلعب على أرضها وأمام جمهورها.
وبرغم غياب النجم الهولندي روبن فان بيرسي عن المباراة بسبب الإيقاف، إلا أنه طالب زملاءه بتحقيق الفوز حتى ينهي المنتخب البرتقالي مبارياته وهو في الصدارة: "نحن في حالة فنية وبدنية طيبة، وسيكفينا تحقيق نقطة التعادل لضمان الصدارة، وأعتقد أنه ينبغي علينا اللعب من أجل البقاء على قمة المجموعة".
ورأى فان بيرسي أن مشوار هولندا سيكون سهلاً من الناحية النظرية في حال تصدره للمجموعة الثانية، واعترف بأن مباراة تشيلي تبدو صعبة، لا سيما في ظل الحالة المعنوية المرتفعة بعد فوز الأخيرة على اسبانيا على ملعب ماراكانا الأسطوري: "يبدو أنهم جاهزون جيداً، وقدموا بالفعل مستويات قوية، وظهر التجانس بينهم بشكل كبير، لذلك تبدو مهمتنا صعبة أمامهم بالتأكيد".
ورغم ذلك، أعرب مهاجم مانشستر يونايتد الإنكليزي عن ثقته في قدرة المنتخب الهولندي على تحقيق الفوز الثالث، حيث قال: "سنخوض المباراة من أجل النقاط الثلاث، لا يهمنا مَن سيلعب المباراة ومَن سيجلس على مقاعد البدلاء، نريد فقط أن نفوز".
ويحوم الشك حول مشاركة النجم التشيلي أرتورو فيدال لاصابته خلال مباراة إسبانيا، كما هناك احتمال أن يغيب لاعب الوسط الآخر تشارلز أرانغويز بسبب إصابته في المباراة ذاتها في ركبته.
كما أن اللاعبين يملكان بطاقة صفراء وفي حال إنذارهما في اللقاء ضد هولندا سيغيبان عن ثمن النهائي ما قد يشجع المدرب الأرجنتيني خورخي سامباولي على إراحتهما.
وأكد فيدال خلال تصريحاته بعد المباراة أن التوصيف الأفضل لمنتخب تشيلي بقيادة سامباولي هو "الفريق الانتحاري" الذي سيكافح حتى الرمق الأخير في كأس العالم، على حد تعبيره. وأضاف فيدال، الذي أعرب عن دهشته من خسارة بطل العالم لمباراتين متتالتين: "بطل العالم واجه فريقين يملكان الكثير من اللاعبين صغار السن الذين يحملون الكثير من الطموحات لتحقيق إنجازات".
ومن جانبه، شدد كلاوديو برافو، حارس مرمى وقائد تشيلي، على أهمية عدم الغرق في نشوة الفوز على بطل العالم وعلى أهمية الاستعداد لخوض المباراة الأخيرة في الدور الأول أمام هولندا، وقال: "الآن يجب علينا أن نفكر في مباراتنا أمام هولندا".
وتابع برافو، الذي تصدى للعديد من فرص التهديف المحققة للمنتخب الإسباني في مباراة الأربعاء الماضي، قائلاً: "نشعر بسعادة بالغة.. لقد قدمنا الكثير من التضحيات من أجل الوصول إلى هذا الإنجاز".
وأشار مارسيلو دياز، لاعب خط وسط منتخب تشيلي، إلى أنه يتعامل مع المستقبل بحذر كبير، وقال "حققنا الفوز بفضل الرغبة الكبيرة التي نشعر بها في تحقيق إنجازات، إلا إنني أتعامل بحذر مع المستقبل.. أفضل التقدم خطوة بخطوة.. الآن ننتظر هولندا".
وقفت الأراضي المنخفضة ثلاث مرات عند حاجز النهائي، فخسرت أمام مضيفتها ألمانيا الغربية 1-2 في زمن "الطائر" يوهان كرويف عام 1974، ثم النهائي التالي على أرض الأرجنتين 1-3 بعد تمديد الوقت في 1978، قبل أن تتخطى البرازيل في ربع نهائي النسخة الماضية ويقهرها أندريس اينيستا في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي مانحاً اسبانيا لقبها الأول.
يتوقع أن يريح مدرب هولندا لويس فان غال الظهير الأيسر برونو مارتنس إيندي، الذي تعرض لارتجاج دماغي في مواجهة أستراليا وسيخضع لأيام من الراحة بحسب الاتحاد المحلي، كما غاب لاعب الوسط جوردي كلاسي عن تمارين الخميس وبقي في الفندق، ولم يشارك روبن ونايجل دي يونغ في التمارين بسبب آلام عضلية.
ولم يكن روبن راضياً عن الشوط الأول من مباراة أستراليا: "لعبنا بشكل سيئ في الشوط الأول، كنا نائمين. ارتكبنا الكثير من الأخطاء في الاستحواذ. في الواقع كل الأمور كانت خاطئة ولم نخض المباراة التي اردناها".
وتابع جناح بايرن ميونيخ الألماني السريع: "افتقدنا للتركيز ولا ينبغي أن يحصل هذا الأمر مجدداً في المباريات.
وقدم الثلاثي المخضرم روبن (30 عاماً)، فان بيرسي (31 عاماً) وويسلي سنايدر (30 عاماً) بالاضافة إلى جيل شاب دفع به غال مستويات جيدة في أول مباراتين، فتسلق روبن-فان برسي ترتيب الهدافين مع 3 أهداف لكل منهما، وفي ظل إيقاف فان بيرسي يتعين انتظار تشكيلة فان خال لمعرفة ما اذا سيدفع برأس الحربة الآخر "المظلوم" كلاس يان هونتيلار، خصوصاً أنه لم يعرف المستطيل الأخضر في أول مباراتين حتى من موقع البديل، اذ دفع أمام إسبانيا بجويل فيلتمان وجورجينيو فينالدوم وجرماين لنس وأمام أستراليا بممفيس ديباي، فينالدوم ولنس.
وأشار فان خال (62 عاماً)، الذي سيشرف على مانشستر يونايتد الإنكليزي بعد المونديال، إلى تبديل خطته من 5-3-2 إلى 4-3-3 مع أستراليا: "لقد تحسنا عندما انتقلنا إلى 4-3-3 بعد دخول ممفيس".
أما تشيلي فتعول على "فورمتها" الجيدة راهناً، تألق مهاجمها اليكسيس سانشيس وطاقة مدربها سامباولي. وحققت مهمة بالغة الصعوبة في مجموعة تضم إسبانيا بطلة العالم وهولندا وصيفتها، لكن الملفت أنه بعد خروجها من الدور الثاني في آخر مشاركتين لها أمام البرازيل في 1998 و2010، تبحث عن التأهل إلى ربع النهائي بالذات من الأراضي البرازيلية.
تخوض تشيلي النهائيات للمرة التاسعة، وكانت بين المشاركين في نسخة 1930 الافتتاحية، كما تعود أفضل نتائجها إلى عام 1962 عندما حلت ثالثة على أرضها.
سيعتمد البلد الأميركي الجنوبي صاحب الحدود البحرية الطويلة، على أليكسيس سانشيس مهاجم برشلونة الإسباني، ارتورو فيدال القلب النابض ليوفنتوس، وادورادو فارغاس (فالنسيا الإسباني)، صاحب الهدف الأول أمام اسبانيا.
مباراة شكلية بين إسبانيا وأستراليا
وفي المباراة الثانية، تخوض إسبانيا المباراة "الهامشية" بعد ست سنوات من سيطرتها على المسرح الكروي العالمي بفعل أسلوب "تيكي تاكا" (التمرير القصير والسريع)، ما منحها ألقاب كأس أوروبا 2008 و2012 ومونديال 2014.
يتوقع أن تلي المباراة سلسلة من الاعتزالات الدولية خصوصاً للاعبي وسط ريال مدريد تشابي ألونسو (32 عاماً)، وبرشلونة تشافي هرنانديز (34 عاماً) الذي سرت أخبار عن انتقاله من برشلونة إلى قطر.
المدرب فيسنتي دل بوسكي الذي منحه الاتحاد الإسباني الثقة حتى انتهاء عقده، قد يعمد إلى تبديلات جذرية لمنح فرصة المشاركة في الحدث العالمي للاعبين الشبان.
وأقر تشابي ألونسو بانتهاء الحقبة الحالية: "ينبغي أن تتغير الأمور. الحقبات تنتهي بالخسارة، وهذه المرة كانت مرة. لم يكن هذا الفشل متوقعاً، لكن علينا أن نتعامل مع الحزن كما نتعامل مع الفرح".
وأضاف: "أعتقد أننا لم نستطع المحافظة على مستوى الاقناع والتعطش. لقد ذهب النجاح وسعادة الماضي. ارتكبنا العديد من الأخطاء وفقدنا سر المهنة، لم نكن جاهزين ذهنياً، جسدياً وفي المجمل لم نكن بأفضل حال. انه أمر مؤلم لكن هذه هي كرة القدم".
أما الحارس ايكر كاسياس فطلب "المعذرة. نتحمل المسؤولية لكننا أول مَن يشعر بالألم".
ورفض قلب دفاع اسبانيا سيرخيو راموس اعتبار هذا الإقصاء نهاية مشوار هذا الجيل ونهاية مرحلة، وذكر: "لا أستطيع القول إنها نهاية مرحلة، فنحن هو الفريق المتوج بطلاً للعالم ولأوروبا، وقد تركنا بصماتنا واضحة في تاريخ بلدنا، ولا يجب نسيان ذلك أبداً".
ولم يفلح بدرو بدوره في تفسير ما حدث، وقال بمرارة: "يصعب عليّ شرح ما جرى، كنا نسعى إلى مواصلة المنافسة بالفوز في مباراة تشيلي، لكن ذلك تعذر علينا. ولا يسعنا الآن سوى خوض المباراة الأخيرة بأفضل طريقة ممكنة والعودة إلى الديار".
وتعيد طريقة الإقصاء المؤلمة وحصيلة الفريق الضعيفة (سجل هدفاً واستقبل 7 أهداف) إلى الأذهان فترات أقل نجاحاً في تاريخ المنتخب الإسباني، حيث غادر أم بطولات من الدور الأول 4 مرات، وكانت آخرها سنة 1998.
من جهتها، كانت أستراليا تأمل فتح صفحة جديدة بعد ابتعاد نجوم الجيل السابق هاري كيويل ولوكاس نيل والحارس مارك شفارتزر وبريت هولمان وبريت ايمرتون عن الساحة، لكنها عجزت عن تكرار إنجاز بلوغها دور الـ16 في ألمانيا 2006، في ظل استدعاء تشكيلة شابة إلى العرس الكروي.
وبرغم تسجيله هدفين وانضمامه إلى لائحة نجوم سجلت في ثلاث مونديالات، سيغيب المهاجم المخضرم تيم كايهل (34 عاماً) بسبب الايقاف في موندياله الأخير.
ورأى المدرب أنجي بوستيكوغلو أن أستراليا ستصبح قوة عالمية في المستقبل برغم خسارتها أول مباراتين، علماً بأنها تقدمت في الشوط الثاني على هولندا 2-1 وأهدرت فرصة ذهبية عبر ماتيو ليكي للتقدم 3-1: "لست سعيداً الآن بسبب العاطفة، لكننا لعبنا في هذا المونديال أمام ثلاثة من أفضل المنتخبات في العالم. قال الناس اننا لن نسجل أي هدف لكن في المباراتين كنا خصماً عنيداً".
وتابع مدرب أستراليا التي ستستضيف كأس آسيا مطلع العام 2015: "لقد بدأنا رحلتنا للتو والهدف أن نعود بعد أربع سنوات ويخافوننا قبل الدخول إلى الملعب كما يخافوننا الآن. في الوقت عينه قلت اني لست قادماً إلى كأس العالم لاجراء التجارب أو اكتساب الخبرة. جئنا لترك بصمة وفي المباراتين قمنا بذلك لكن للأسف لم ننجح حتى النهاية".